تحديات فكرية معاصرة
بسم الله الرحمن الرحيم في عالم تتلاطم فيه الأفكار وتتصارع فيه الرؤى، يقف المسلم المعاصر أمام تحديات فكرية جسام. ومن أخطر هذه التحديات ما يتعلق بمصادر التشريع الإسلامي وحجيتها، وعلى رأسها القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة. لقد أكرمنا الله تعالى بنعمة الإسلام، وجعل لنا منهجا واضحا نسير عليه في حياتنا، منهجا يقوم على ركيزتين أساسيتين: كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم. هاتان الركيزتان هما مصدر العزة والكرامة، ومنبع الهداية والنور، وأساس السعادة في الدنيا والآخرة.
شبهة الاكتفاء بالقرآن وأصولها
غير أن بعض الأصوات قد ارتفعت في العصر الحديث تنادي بالاكتفاء بالقرآن الكريم وحده، والاستغناء عن السنة النبوية، متذرعة بأن الله تعالى قد تكفل بحفظ القرآن دون السنة، مستدلة بقوله تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾. وهذه الدعوى - على خطورتها - ليست وليدة العصر الحديث، بل هي امتداد لشبهات قديمة أثارها بعض من انحرف عن منهج أهل السنة والجماعة عبر التاريخ الإسلامي. وقد تصدى لها العلماء في كل عصر، وبينوا زيفها وبطلانها، وأوضحوا أن حفظ الله تعالى للذكر يشمل القرآن والسنة معا، وأن الفصل بينهما مخالف لصريح القرآن وصحيح السنة وإجماع الأمة.
أهداف الكتاب ومنهجيته
في هذا الكتاب، نسعى إلى تقديم رؤية شاملة ومتكاملة لموضوع تكامل القرآن والسنة، وشمول حفظ الله تعالى لهما معا. وسنتناول هذا الموضوع من جوانب متعددة: عقدية، وتشريعية، وتاريخية، ومنهجية، مستندين إلى الأدلة النقلية والعقلية، ومستفيدين من جهود العلماء السابقين واللاحقين في هذا المجال. وقد حرصنا في هذا الكتاب على الجمع بين الأصالة والمعاصرة، فاستندنا إلى المصادر الأصيلة في التراث الإسلامي، وراعينا في الوقت نفسه متطلبات العصر وتحدياته، وخاطبنا العقل المعاصر بلغة يفهمها ويستوعبها. كما حرصنا على تقديم المادة العلمية بأسلوب سلس وميسر، يجمع بين العمق والوضوح، ويخاطب العقل والقلب معا، حتى يستفيد منه طالب العلم المتخصص والقارئ العادي على حد سواء.
خاتمة ودعاء
ونسأل الله تعالى أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم، وأن ينفع به الإسلام والمسلمين، وأن يهدي به من ضل عن سواء السبيل، وأن يثبت به من استقام على الصراط المستقيم، إنه سميع مجيب. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تم التنسيق بواسطة أدوات محراب الكلمة